من هنا تبدأ نهضة الزراعة المصرية

بقلم: د. مجدى محمد ملوك

السؤال الذى ينتاب إلى فكر الكثير من الناس، هل إختيار الرجل المناسب لقيادة وزارة الزراعة هو الأمل فى تحقيق إستراتيجية الزراعة المصرية؟ هل يمكن لشخص الوزير إحياء الأمل فى عودة الريادة المصرية؟

إن الحديث عن قضية الزراعة وإنتاج الغذاء فى مصر موضوع طويل، يزداد الكلام عنه عند إختيار وزير زراعة أو قرب تعيين حكومة أو بعد فترة من إختيار وزير ولم يقتنع الناس بأدائه، ويبدأ المتكلمون فى طرح السيرة الذاتية لهذا الرجل القادر على تحقيق هذا الحلم، وأن مصر تستطيع أن تكون سلة غذاء العالم!

وتتسع وجهات النظر المتباينة حول هذه القضية التى تتداول عبر وسائل الاعلام والمحافل العلمية وأروقة الجامعات والأحزاب والنقابات وغيرهم، وكلها لا تتعدى التصريحات والكلام الجميل عن الآمال والطموحات التى تراود متحدثيها، ولا يشوبها شئ من الإطروحات العلمية التى يجب أن تكون لغة أهل العلم والخبراء.

فقد يعيد إختيار شخص الوزير الأمل ويزيل حالة كبيرة من الإحباط ولو مؤقتاً، وذلك لمن يرون وعلى قناعة أن نهضة الزراعة تقع فى يد الوزير، ربما نرى أنها منظومة للزراعة والتنمية الريفية، ولا أبالغ أن أقول أن نهضة مصر كلها تبدأ من إصلاح الزراعة، كما يرى آخرون أنها تبدأ من التعليم .. فالقرية هى المؤسسة التى تخرج لنا الفلاح والعامل الزراعى والفنى الزراعى والمهندس الزراعى والباحث والقيادات ونواب الشعب .. كيف لوزارة الزراعة أن تحقق إستراتيجية ونطالب بتطوير النظام التعاونى وأن يكون قائم على تطبيقات تكنولوجيا المعلومات والإتصالات وأن نؤسس روابط نوعية وفقاً لمنهج إدارة سلاسل الإنتاج وأن يكون لدينا قواعد بيانات دقيقة من أصغر وحدة وهى القرية تكون قادرة على دعم إتخاذ القرار وتحقيق التراكيب المحصولية المناسبة والدورة الزراعية التعاقدية (كما يصرح كثير من وزراء الزراعة) وذلك دون تأسيس منظومة للتنمية الزراعية راسخة تنهض وتنمو وتتطور دون إعتبار لشخص أى مسؤل مهما كان منصبه، شأنها شأن قضبان السكة الحديد تصل بالراكب إلى هدفه دون النظر إلى من يقود القطار (وإن كان للقائد دوراً لا ننكره).

ربما يكون تأسيس منظومة راسخة للتنمية الزراعية تحتاج بعض المداخلات من وزارة التعليم لتعديلات مطلوبة فى المناهج، وربما تحتاج إلى بعض المداخلات من وزارة التموين حتى تتمكن منظومة الزراعة من تسويق منتجاتها أو توفير بعض من مستلزمات الإنتاج، وربما تحتاج منظومة الزراعة إلى التنسيق مع وزارة الصناعة لتوفير الآلات والمعدات والتنسيق مع أصحاب المصانع فى هذا الشأن، وقد تحتاج منظومة الزراعة إلى التنسيق مع وزارة التجارة لتنفيذ أهداف الزراعة التعاقدية والتنسيق مع الغرف التجارية وأتحادات المصدرين حتى يتمكن الفلاحون من تلبية المواصفات الخاصة بالتصدير والتصنيع وحتى تستطيع تلبية إحتياجاتهم وإرتباطاتهم مع الأسواق الخارجية والإحتياجات للأسوق المحلية والمصانع، وأيضاً ربما تحتاج منظومة الزراعة إلى التعاون مع وزارة الصحة حتى تتمكن من توفير الرعاية الصحية للفلاح التى تعتبر خدمة متواضعة تحتاج إلى تحديث وإهتمام، ولا أستبعد أن تحتاج منظومة الزراعة إلى التنسيق مع وزارة الخارجية والتعاون الدولى إذ أنها قد تساعد فى رصد مواعيد المعارض الدولية والتنسيق مع الملحق التجارى لكل سفارة لمشاركات وتمثيل منظم للمنتجات الزراعية المصرية وفتح فرص أفضل للإستثمار الزراعى فى مصر.

كما أننى لا أستبعد مشاركة وزارة البحث العلمى فى متابعة منظومة الزراعة لوضع الإطار العلمى لمسارها ومراقبة آليات التنفيذ والبحوث والدراسات التى تنهض بالريف وبالإنتاج الزراعى، وحقيقة أننى أيضاً أرى أن لوزارة الإتصالات ونظم المعلومات شأن كبير فى إتاحة وتدفق المعلومات ومعالجة البيانات وإدارة منتديات الحوار وتوجيه المجتمع للإستفادة من الإنترنت فى التنمية.