العش ' الشتلات ' مستقبل مصر لزيادة إنتاجية القصب وترشيد المياه

الإثنين 14 فبراير 2022 01:58 م
شارك الخبر

كتب : طلعت الطرابيشى

د. أيمن العش مدير معهد المحاصيل السكرية لـ " عالم الزراعة "

إهدار 8 أطنان من الإنتاج فى الزراعة الحالية وضياع 30 % من الأسمدة فى الصرف الزراعى

وداعا زراعات قصب السكر التقليدية إلى غير رجعة . ولاعزاء للأساليب القديمة العتيقة التى إحترفها , وإعتاد عليها الأجداد . فقد " فات الميعاد " وولى زمانها  - هذا –  مضمون الخبر السار الذى يزفه علماء وباحثى معهد المحاصيل السكرية لمزارعى صعيد مصر . تمهيدا للإنتقال إلى مرحلة حديدة أكثر رفاهية , وإنتاجا . والتخلى عن نظام الزراعة الذى أفقرهم , وأفلس الكثير منهم . وكاد يقضى على مستقبلهم .

" الفرق بين الزراعة الحالية والشتلات "

فمن مآخذ أو عيوب نظام الزراعة القديم " الحالية " قيام المزارعين بتجنيب مابين 5 طن , و 8 أطنا من إنتاج محصول القصب  " أعواد القصب " بعد الحصاد . لإعادة غرسه فى الأرض مرة أخرى . حيث يعتبر " أعواد القصب " بمثابة " تكاثر خضرى " بديلا للبذور فى الزراعة .- وبالتالى - تحمل المزارعون لخسائر كبيرة نتيجة فقد ربع الإنتاج أوأقل قليلا .

أما نظام الزراعة الجديد " زراعة شتلات القصب " فتتميز بعدم فقد المزارعين لأى جزء من إنتاجهم . والإكتفاء فقط بإستقطاع " البراعم الزهرية " و3 سم من " عقلة " عود القصب كتقاوى معتمدة " لإنبات التكاثر الخضرى " شتلات القصب لزراعتها . وبالتالى إستفادة المزارعين من تسويق كامل إنتاجهم دون فقد أى شئ فى عملية إعادة زراعة أعواد القصب بحالتها الكاملة .

وبخلاف ذلك فقد أثبتت التجارب البحثية والحقلية على الشتلات نتائج جيدة  فى الزراعة . منها تحسين مستوى جودة المحصول , وزيادة إنتاجية الفدان . وإختصار الوقت فى الزراعة والحصاد . والأهم  تخفيض تكلفة الإنتاج . مما يعود بالفائدة على المزارعين فى صورة زيادة فى الدخل , وتحسين ظروف معيشتهم . بالمقارنة بتكلفة وعائد الإنتاج بنظام الزراعة الحالى .

" تعميم التجربة "

وبناء على هذه المعطيات , فإن كل الظروف أصبحت مهيئة لتعميم التجربة , وزيادة مساحة الأراضى الزراعية لزراعة قصب السكر – وليس تقليلها - بعد ثبات جدواها , وتوافر مقومات النجاح وفى مقدمتها إهتمام ودعم القيادة السياسية للتوسع فى هذه التجربة . وبالتالى توفير كل مايلزم من إمكانيات مادية , ولوجستية للمزارعين , والجهات البحثية , للإنطلاق أكثر لتحقيق الإكتفاء الذاتى من المحصول الإستراتيجى . ووقف الإستيراد , للحد من إستنزاف مواردنا من النقد الأجنبى .

" قصة شتلات القصب "

بإختصار الفكرة ليست جديدة . فقد بدأ طرحها فى التسعينات – ولكن – على نطاق ضيق . وكانت نتائجها غير مبشرة . كنتيجة طبيعية لحداثة الفكرة . وعدم توافر الأبحاث العلمية والتطبيقية الكافية لتطويرها . إلى جانب عدم توافر التقنيات الحديثة , والموارد المالية اللازمة , لإنشاء محطات لإنتاج الشتلات . فظلت حبيسة الأدراج .. مجرد فكرة تفتقد عوامل النجاح , و- بالتالى - غير ذى جدوى !  

ولأهمية الفكرة ,  تم فى عام 2007  إعادة طرح مشروع شتلات قصب السكر على أكاديمية البحث العلمى للتعاون فى إحيائها مرة أخرى . وبعد دراسة معوقات تنفيذها , وإيجابياتها المتوقعة على مستوى المزارعين , والمحصول الإستراتيجى , ومصانع إنتاج السكر . ومناخ الإستثمار بشكل عام فى مجال الصناعات التحويلية للسكر ومشتقاته . تم توقيع برتوكول تعاون بين قسم قصب السكر بمعهد المحاصيل السكرية , والأكاديمية .

 ويشير الدكتور أيمن حسنى العش مدير معهد المحاصيل السكرية , إلى نجاح التعاون فى مواصلة الأبحاث التطبيقية . حيث تم التفكير فى إنشاء حضانات " أحواض " . لإنتاج شتلات القصب . ثم نقلها للزراعة فى الأحواض بديلا للمحطات , أو المزارع . ومتابعة عمليات الإنبات . ومع توالى النتائج المبشرة . تم تكثيف التجارب البحثية على نطاق أكبر " للتكاثر الخضرى " لإنتاج شتلات القصب المعتمدة .

" 95 مليون شتلة فى الموسم "

وبعد أن تخطت التجارب عوامل نجاح , فى الحصول على إنتاج بجدوى عالية , ومضاعفة حجم الإنتاجية , وتحسين مواصفات المحصول . إلى جانب خلوه من الأفات الزراعية , وترشيد إستهلاك مياه الرى . وفى عام 2018 عرض وزير الزراعة التجربة كمشروع متكامل من نظام زراعة , ونتائج على القيادة السياسية . حيث أولاه إهتماما كبيرا , وقوة دفع لتعميم التجربة فى الزراعة , ورصد الميزانيات اللازمة للإنطلاق . حيث تم إنشاء محطة كوم أمبو لإنبات شتلات القصب باسوان على مساحة 22 فدان . ثم محطة وادى الصعايدة بنفس المحافظة على مساحة 70 فدان . يبلغ تكلفة المحطتين 400 مليون جنيه لإنتاج 95 مليون شتلة فى الموسم . منها 15 مليون شتلة بمحطة كوممبو , و80 مليون شتلة فى محطة وادى الصعايدة  .

" الميكنة الزراعية "

وتتيح الزراعة بنظام الشتلات , إستخدام الميكنة الزراعية فى غرس الشتلات , وفى عملية حصاد المحصول . حيث تسمح الزراعة بإصطفاف شتلات القصب فى صفوف منتظمة على مسافات تبعد 150 سم " 1,5 متر " بما يتيح لمكينات غرس الشتلات التحرك بحرية فى الأرض , والإستفادة من هذه " الفراغات " فى زراعات أخرى . وكذلك سهولة إستخدام الميكنة الزراعية فى عملية الحصاد . على عكس أسلوب الزراعة الحالى . والذى لايتيح إستخدام الميكنة الزراعية , ويعتمد على العمالة الزراعية  فى إلقاء أعواد القصب بطريقة عشوائية على الأرض , وفى صفوف غير منتظمة . وعلى مسافات لاتتعدى 80 سم . وكذلك يعتمد على العملة الزراعية فى الحصاد . نتيجة لتشابك صفوف محصول القصب , وعدم وجود مساحات " فراغات " كافية للحركة . والأهم أن زراعات الشتلات " بالنظام الآلى " الميكنة الزراعية يستغرق الفدان الواحد من الوقت 4 ساعات . فى حين يصل وقت زراعة الفدان الواحد فى النظام اليدوى الحالى يوم كامل ويحتاج إلى أكثر من 5 عمال زراعيين .

" توفير 4000 متر بنظام الرى بالتنقيط "

يضاف إلى ذلك زراعة القصب المتعارف عليها تتم بنظام " الرى بالغمر " حيث يستهلك الفدان مايعادل 10 آلاف متر مكعب من المياه . فى حين يستخدم فى زراعة الشتلات " الرى بالتنقيط " ويستهلك الفدان مايعادل 6 ىلاف متر مكعب من المياه . أى توفر زراعة الشتلات 4 آلاف متر مكعب لكل فدان . وحيث أن إجمالى المساحة المنزرعة من قصب السكر تقدر بنحو 250 ألف فدان . يصل حجم التوفير فى مياه الرى 250000 X  4000  =  100 مليون متر مكعب .

" فقد 30 % من الأسمدة فى الرى بالغمر "

وبخصوص كفاء الأسمدة . فى نظام الرى بالغمر المتبع فى الزراعة الحالية تتأثر كفاءة وفاعلية الأسمدة  .  نتيجة ذوبان الأسمدة فى المياه , وضياع مايعادل 30 % من كميات الأسمدة , وتسربها فى مجارى الصرف الزراعى . فلاتستفيد منها الزراعة بشكل جيد . على عكس نظام الرى بالتنقيط . لايحدث أى فقد لكميات الأسمدة الموجهة لتغذية النبات . 

" 22 طن زيادة فى إنتاجية الفدان "

وتتمثل فوائد الزراعة بنظام شتلات القصب فى :

·      زيادة إنتاجية الفدان من 33 طن , إلى 55 طن قصب . بزيادة تقدر بنحو 22 طن لكل فدان .

·      ترشيد إستخدام المياه بما لايقل عن 35 % عن إستهلاك المياة فى نظام الزراعة الحالى

·      توفير نفقات مكافحة الحشائش .

·      إستخدام الميكنة الزراعية فى الزراعة حتى الحصاد . يؤدى إلى إختصار الوقت فى الزراعة والحصاد , ويخفض من تكاليف العمالة الزراعية .

·      تقليل الفاقد خلال مراحل الإنتاج .

·      يسمح بتحميل محاصيل أخرى مع زراعات الغرس , والخلفات  .

·      رفع كفاءة الأسمدة والإستفادة منها بالكامل , وعدم تسربها فى مصارف الصرف الزراعى .

·      زيادة دخل المزارع لمواجهة الظروف المعيشية . من خلال الإستفادة من تسويق إنتاجه بالكامل دون فقد أى جزء من إنتاجه فى إعادة الزراعة .


أضف تعليق


أخبار ذات علاقة

القائمة البريدية