مقــــالات الأربعاء 15 أكتوبر 2025 12:17 م لم تعد التعبئة والتغليف مجرد خطوة نهائية أو عملية شكلية في خط الإنتاج، بل أصبحت اليوم أداة استراتيجية متكاملة تحدد مدى نجاح المنتج، وتؤثر مباشرة على قيمته المضافة، قدرته على المنافسة، واستدامته في الأسواق المحلية والعالمية.ففي عالم تسوده المنافسة الشرسة وتزداد فيه متطلبات المستهلكين واشتراطات الأسواق، أصبح التغليف بمثابة “لغة” المنتج التي يتحدث بها إلى العالم، ويعبر من خلالها عن جودته، ثقافته، والتزامه بالمعايير البيئية الحديثة.في السياق المصري، يمثل تطوير نظم التعبئة والتغليف أحد مفاتيح رفع تنافسية المنتج الوطني وتعزيز مكانته في سلاسل القيمة الإقليمية والعالمية، خصوصًا في ظل التوجه القومي نحو التصنيع الغذائي وزيادة الصادرات الزراعية والغذائية.أولاً: مفهوم القيمة المضافة في التغليفالقيمة المضافة هي المردود الإضافي الذي يحصل عليه المنتج نتيجة تحسين خصائصه أو صورته أو كفاءته التسويقية.وفي مجال التعبئة والتغليف، لا تقتصر القيمة المضافة على الناحية الشكلية فقط، بل تمتد إلى:1. القيمة التسويقية: عبر تحسين المظهر الخارجي والهوية البصرية للمنتج بما يجذب المستهلك ويزيد الرغبة في الشراء.2. القيمة الوظيفية: من خلال حماية المنتج من التلوث، الأكسدة، الفقد المائي، أو التدهور الميكروبي.3. القيمة الاقتصادية: بفضل إطالة فترة الصلاحية وتقليل الفاقد أثناء النقل والتخزين، مما يرفع هامش الربح ويخفض التكلفة.4. القيمة التصديرية: حيث تفتح العبوة المتوافقة مع متطلبات الأسواق الدولية الباب أمام المنتج المصري للوصول إلى أسواق جديدة.إن كل جنيه يُستثمر في تطوير التغليف ينعكس مضاعفًا في شكل قيمة مضافة للمنتج، سواء من حيث المبيعات أو القبول السوقي أو السمعة التجارية.ثانيًا: التغليف كوسيلة لتقليل الفاقد والهدر الغذائيتشير تقارير منظمة الأغذية والزراعة (FAO) إلى أن حوالي ثلث الغذاء المنتج عالميًا يُفقد أو يُهدر قبل أن يصل إلى المستهلك، أي ما يعادل نحو 1.3 مليار طن سنويًا.السبب الرئيسي وراء هذا الفاقد يعود إلى سوء نظم التعبئة والتخزين والنقل، وخاصة في الدول النامية.وهنا يأتي دور التغليف بوصفه خط الدفاع الأول ضد الفقد الغذائي، من خلال:• حماية المنتج من التلف الميكروبي أو الميكانيكي أثناء النقل.• منع التعرض للهواء والرطوبة والضوء التي تُسرّع الفساد.• إطالة فترة الصلاحية عبر مواد مانعة للأكسدة أو أغلفة نشطة.• تقليل خسائر البيع الناتجة عن تغير اللون أو الملمس أو النكهة.ومن أبرز التقنيات الحديثة التي أسهمت في الحد من الفاقد الغذائي:1. التغليف النشط (Active Packaging) الذي يطلق أو يمتص مواد تحافظ على جودة الغذاء (مثل امتصاص الأكسجين أو الرطوبة).2. التغليف الذكي (Smart Packaging) الذي يتضمن مؤشرات حسية أو لونية تكشف مدى صلاحية المنتج وتتيح تتبعه في سلسلة الإمداد.3. الأغلفة الغذائية الصالحة للأكل (Edible Coatings) المصنوعة من بوليمرات طبيعية مثل النشا أو البكتين أو الصمغ العربي، والتي تُستخدم في الفواكه والخضروات الطازجة لتقليل الفقد المائي والتنفس.هذه التقنيات ليست ترفًا علميًا، بل أصبحت ضرورة اقتصادية وبيئية لدعم الأمن الغذائي وتقليل الفاقد الذي يُقدّر بمليارات الجنيهات سنويًا.ثالثًا: التغليف كأداة لتحقيق الاستدامةفي ظل التحديات البيئية العالمية، أصبح من غير المقبول أن يكون الغلاف جزءًا من المشكلة بدلًا من أن يكون جزءًا من الحل.من هنا ظهر مفهوم التغليف المستدام (Sustainable Packaging) الذي يهدف إلى تحقيق التوازن بين البيئة، الاقتصاد، والمجتمع.وتتجسد مبادئه في:1. استخدام مواد صديقة للبيئة مثل البلاستيك الحيوي (Bio-based plastics) أو الورق المعالج أو rPET المعاد تدويره.2. تقليل البصمة الكربونية عن طريق تخفيف وزن العبوة واستخدام مصادر طاقة نظيفة في التصنيع.3. تصميم عبوات قابلة لإعادة الاستخدام أو التحلل الحيوي بدلًا من العبوات أحادية الاستخدام.4. تحقيق مفهوم الاقتصاد الدائري (Circular Economy) من خلال تدوير مخلفات التعبئة واستخدامها كمواد أولية جديدة.إن تبني هذه الممارسات في الصناعة المصرية يحقق أهداف التنمية المستدامة، خاصة الهدفين 12 و13 المتعلقين بالاستهلاك والإنتاج المسؤولين والعمل المناخي.رابعًا: التغليف ودعم تنافسية المنتج المصريفي الأسواق العالمية اليوم، لا يُنظر فقط إلى جودة المنتج، بل إلى جودة تغليفه واستدامته.فالتغليف هو الانطباع الأول الذي يكوّنه المستورد أو المستهلك عن مستوى الصناعة الوطنية.لذلك، فإن تطوير التغليف يمثل فرصة حقيقية لتعزيز الهوية التسويقية للمنتج المصري من خلال:• توحيد العلامات التجارية والرموز اللونية بما يعكس الطابع المصري الأصيل.• الالتزام بالمعايير الدولية للتعبئة (ISO, EFSA, FDA).• استخدام لغات متعددة على العبوة لتوسيع قاعدة التصدير.• دعم برامج تدريب العاملين في مجال تصميم العبوات وتحليل دورة حياتها البيئية.تجارب عدة أثبتت نجاح هذا التوجه، مثل قطاع التمور المصرية الذي شهد طفرة تصديرية بعد إدخال عبوات ورقية مطبوعة حديثًا، وقطاع منتجات الألبان والعصائر الذي استفاد من التغليف متعدد الطبقات في تمديد فترة الصلاحية وتحسين الصورة التسويقية.خامسًا: الطريق نحو منظومة تغليف وطنية متكاملةلتحقيق التكامل بين القيمة المضافة والاستدامة وتقليل الفاقد، تحتاج مصر إلى استراتيجية وطنية واضحة في مجال التغليف، تشمل:1. إنشاء مركز وطني لتطوير تكنولوجيا التعبئة والتغليف يربط البحث العلمي بالصناعة.2. تحفيز القطاع الخاص على الاستثمار في خطوط إنتاج الأغلفة المستدامة والذكية.3. دعم الدراسات التطبيقية في الجامعات والمراكز البحثية حول المواد الحيوية والتعبئة النشطة.4. تحديث المواصفات القياسية المصرية لتواكب متطلبات الاتحاد الأوروبي والأسواق العالمية.5. تعزيز التعاون الإقليمي لتسويق حلول التغليف المصري في إفريقيا والشرق الأوسط.لذا فإن التغليف لم يعد مجرد وسيلة لتغطية المنتج، بل أصبح وسيلة لحماية القيمة، وضمان الجودة، وتحقيق الاستدامة.فهو يجمع بين العلم والفن، بين الاقتصاد والبيئة، وبين الماضي والمستقبل.وإذا كانت الصناعة المصرية تتطلع اليوم إلى زيادة صادراتها وتنويع أسواقها، فإن البداية الحقيقية تكمن في ثورة تطوير التعبئة والتغليف.فلننظر إلى التغليف لا باعتباره “تكلفة إضافية”، بل باعتباره استثمارًا في القيمة المضافة، ورسالة حضارية للعالم بأن "صُنع في مصر" يعني الجودة، الابتكار، والمسؤولية البيئية. مقال بقلم د. منى أحمد العبد باحث أول – معهد بحوث تكنولوجيا الأغذيةالتعبئة والتغليفتكنولوجيا الأغذية الزراعة البحوث الزراعية
مصر تنقل خبراتها الزراعية لدول "الأمن الغذائي الإسلامي" استقبل علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، "بريك آريان"، المدير العام للمنظمة الإسلامية للأمن الغذائي، لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك بين مصر والدول الأعضاء في المنظمة، وال..
د.حنان أحمد تكتب عن القيمة الغذائية لنبات الحلبة تتميز الحلبة بقيمتها الغذائية العالية وتستخدم كجزء من نظام غذائى صحى لفوائدها فى دعم صحة الجهاز الهضمى وتنظيم سكر الدم ، وتقوية جهاز المناعة ، لاحتوائها على العدي..
وقاية النباتات يمد فترة تسليم البحوث لمؤتمره السابع حتى 30 أكتوبرأعلن الدكتور أحمد عبدالمجيد مدير معهد بحوث وقاية النباتات وأمين عام المؤتمر الدولى السابع لمعهد بحوث وقاية النباتات أنه بناء على رغبة السادة الباحثين بمراكز البحوث والجامعات المصري..
وزير الزراعة: نستهدف رفع كفاءة استخدام المياه 25% بحلول 2030 أكد علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، التزام الوزارة التام بوضع البحث العلمي والابتكار في صميم خططها التنفيذية لضمان الإدارة الرشيدة والمستدامة للموارد المائية، خاصة في..