دراما البقوليات فى ملف الإكتفاء الذاتى الحلقة الرابعة

الأربعاء 5 يونيو 2024 02:11 م
شارك الخبر

فترة السبعينات والتسعينات نقطة التحول من الزراعة إلى سباق الإستيراد

مساحات " الفول " 130 فدان و " العدس " ألفان فقط والباقى نسب لاتذكر

فيرس " الفابابين " و " الجات " ووقف إنتاج تقاوى العدس محليا أهم الأسباب

كتب : طلعت الطرابيشى

البقوليات وماأدراك ماالبقوليات أشهر الوجبات المصرية المحببة ذائعة الصيت " عشرة عمر " . لكن يبدو أنها اليوم " باى باى " على سفر من بقايا ذكريات الزمن الجميل ... حجم إنتاجها " للخلف در " فى حالة تراجع مستمر . ورغم محاولات إستعادة مجدها , ليس أمامنا غير الإعتماد على الغير " الخارج " فى توفيرها .. مساحات الزراعة باتت محدودة جدا جدا تكاد لاتذكر . وأسعارها التى كانت حتى وقت قريب فى قدرة الأسر المصرية . تتقلب اليوم على نار الجمر فى إرتفاع مضطرد . وتعانى فى ميزان " الإكتفاء الذاتى " إختلالا كبيرا . المسافة بينها وبين الواقع شاسعة . بعد أن كانت تشهد حالة زخم وتخمة فى الأسواق  .

دراما " طبق الكشرى " ووجبة الإفطار

تغيرات وتحولات دراماتيكية أصابت محصول البقوليات . وبصفة خاصة " الفول والعدس " المحصولين الإستثنائيين فى مصر – بإعتبار – أن " الفول " وجبة دائمة على موائد الإفطار  , " والعدس " أحد أهم مكونات طبق " الكشرى " ملك الأطباق المصرية فى سجل العلامة التجارية العالمية . لايتعدى إجمالى إنتاجنا من الفول نسبة الـ 40 % , ونستورد 60 % سنويا . ويتخطى إستيرادنا من العدس بنوعيه " الأصفر والبنى " , وباقى محاصيل البقوليات الأخرى رقم الـ 90 % . أى أن إنتاجنا لايعدو مجرد ذرا للرماد فى العيون – من باب – إثبات الوجود ليس إلا .

السبعينات والتسعينات بداية الخروج من عباءة الإكتفاء الذاتى

ويعزى خبراء الزراعة التراجع الكبير فى إنتاج البقوليات فى مصر , إلى تناقص مساحات الأراضى المخصصة لزراعة جميع أنواع محاصيل البقوليات لصالح بعض الزراعات الإستراتيجية مثل ( القمح , وبنجر السكر , والبرسيم ) . إلى جانب الفاكهة والخضر . وبنظرة سريعة لما آل إليه واقعنا الزراعى فيما يختص محصولى البقوليات الرئيسيين شديدى الطلب " الفول البلدى , والعدس ". نجد أن فترة السبعينات , والتسعينات كانت فارقة على مستوى الزراعة والإنتاج , وبداية الخروج من عباءة " الإكتفاء الذاتى " . ففى أواخر السبعينات كانت مساحات زراعة " العدس " تبلغ 50 ألف فدان . وفى أوائل التسعينات – وبالتحديد – عام 1991 كان مساحة " الفول " 390 ألف فدان , وينتجان مايحقق الإكتفاء الذاتى بنسبة تتجاوز الـ 100 % من إحتياجاتنا . ومع تناقص المساحات الزراعية شيئا فشيئا على مدى السنوات الماضية , تراجعت المساحة المنزرعة حتى وصلت خلال العامين الأخيرين 2023 – 2024 " مساحة زراعة " الفول " , إلى 130 ألف فدان فقط تنتج 30 % من إحتياجاتنا , و" العدس " أقل من 2000 فدان بإنخفاض بلغ 48 ألف فدان . أى أنها مساحة محدودة لاتذكر , تنتج مايعادل  2 % فقط من إجمالى إحتياجاتنا السنوية .

4 أسباب وراء تدهور زراعة البقوليات

ويرجع البعض السبب الرئيسى فى تدهور زراعة البقوليات إلى :

·       ظهور فيرس " الفابابين " وإنتشاره فى محافظات الصعيد أفضل مناطق زراعة الفول فى فترة التسعينات , وإنتقال الفيرس عن طريق " حشرة المن " لمعظم مزارع الفول , إلى جانب الإصابة بـ " حشيشة الهالوك " القاتله . مما تسبب فى أضرار كبيرة للمحصول , وعزوف المزارعين عن زراعته .

·       وقف الإدارة المركزية لإنتاج وتوزيع تقاوى العدس بمركز البحوث الزراعية , وكذلك الشركات الخاصة المصرية عن إنتاج وتوزيع تقاوى العدس , وبعض تقاوى البقوليات الأخرى .

·       تطبيق إتفاقية تحرير التجارة العالمية " الجات " , وإلغاء الدورة الزراعية , و إطلاق حرية المزراعين فى زراعة ما يناسبهم من المحاصيل المنافسة والأعلى ربحية دون التقيد بخطة الدولة , وإحتياجات البلاد . إلى جانب مشاكل التسويق , وغياب نظام الزراعة التعاقدية , وإهتمام الدولة بالتوسع فى بعض المحاصيل الحقلية والبستانية على حساب البقوليات .

·       تفضيل المستورد على المنتج المحلى . نظرا لأن أسعار معظم أنواع البقوليات المستوردة أقل ومنافسة لأسعار الأنواع المحلية فى الأسواق .

22,8 % حجم إنتاجنا من البقوليات

وطبقا لبيانات الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء يقدر إجمالى إنتاجنا من البقوليات حاليا حوالى 273 مليون طن سنويا . وهذا الإنتاج متواضع جداجدا , ولايتعدى نسبته 22,8 % فقط من حجم الإكتفاء الذاتى المستهدف . والنتيجة الطبيعية تصاعد منحنى الإستيراد عاما بعد أخر , وإستنزاف إحتياطى البلاد من النقد الأجنبى  لتلبية إحتياجات السوق .

بديل البروتين الحيوانى

تأتى أهمية البقوليات فى أنها البديل الرخيص " للبروتين الحيوانى " اللحوم . حيث تعد مصدرا مثاليا للبروتين منخفضة الدهون , لإحتوائها على نسبة 28 % بروتين , ونسبة 58 % كربوهيدرات . إلى جانب غناها بالفيتامينات , والألياف الغذائية القابلة للذوبان . ومع تنامى إهتمام العالم بالبعد الإقتصادى , والصحى للبقوليات , وإكتشاف تأثيرها على البيئة فى تثبيت النتروجين بالتربة , وتحسين خصوبتها , قررت الجمعية العامة للمم المتحدة قررت فى عام 2019 تخصيص يوم فى شهر فبراير من كل عام للإحتفال باليوم العالمى للبقوليات . وتضم البقوليات 7 أنواع هى الفول الأخضر ( الحراتى ) ويأكل نئ , والبلدى ويعرف ( بالفول المدمس ) , والعدس , والفصوليا البيضاء والحمراء , والبازلاء ( البسلة ) , واللوبيا , والترمس ( الحلو والمر ) , والحمص عدة أنواع حمص التسالى , وحمص الطبخ . ومعظم هذه الأنواع محاصيل حبوب شتوية – باستثناء – اللوبيا محصول صيفى , والحمص محصول صيفى , وشتوى .

400 ألف فدان تحقق الإكتفاء الذاتى

ويرى الدكتور جمال عبد العزيز رئيس قسم البقوليات بمعهد البحوث الحقلية , أن تحقيق الإكتفاء الذاتى الفول يتطلب زراعة 400 ألف فدان . لضمان إنتاج 600 ألف طن , والذى يمثل حجم إستهلاكنا السنوى . خاصة وأن إنتاجنا من الفول حاليا يقترب من الـ 200 ألف طن سنويا . وذلك على أساس أن المساحة المتاحة حاليا للزراعة 130 ألف فدان X 1,5 طن إنتاج الفدان = 195 ألف طن . الأمر الذى يترتب عليه إستيراد 400 ألف طن سنويا . ونحتاج لتحقيق الإكتفاء الذاتى من العدس زراعة 100 ألف فدان . حيث أن إنتاجنا لايتعدى 2% على أساس أن المساحة المتاحة حاليا للزراعة محدودة جدا , ولاتزيد عن 2000 فدان , وينتج الفدان مابين 900 كيلو إلى واحد طن .  ونستورد 98 % سنويا . وطبقا لبيانات جهاز الإحصاء يصل حجم إستيرادنا السنوى من اللوبيا إلى , 80 % من إحتياجاتنا , ونستورد كامل إحتياجاتنا من بنسبة 100 % .

دراسة زيادة الأراضى ودعم مستلزمات الإنتاج

وفى محاولة لتضييق الفجوة بين إنتاجنا السابق والحالى . يجرى معهد البحوث الحقلية حاليا دراسة شاملة , لدراسة أوجه القصور التى تواجه المحصولين الرئيسيين , وباقى محاصيل البقوليات الحبوب والخضر . وتشمل الدراسة , تحديد المساحات المتاح إضافتها للزراعة على المدى القريب لتقليل الإستيراد , والتسهيلات المطلوب منحها للمزارعين , لتشجيع المزارعين على الزراعة وزيادة الإنتاج . ومنها دعم مستلزمات الإنتاج من تقاوى معتمدة , واسمدة , وتوفيرها للمزارعين , وإعادة الإهتمام بإنتاج تقاوى العدس , وتقاوى بعض البقوليات الأخرى محليا وتوفيرها بالسعر المدعم . بهدف الإقتراب من تحقيق الإكتفاء الذاتى .

الزراعة غير مكلفة ومرشدة للمياه

ويشير الدكتور " جمال " إلى , أن زراعة الفول غير مكلفة . فهى تتراوح بين 7 , 8 آلاف جنيه للفدان , ومخصب قوى للتربة . ويمكن تحميله على زراعات أخرى مثل " القمح , وبنجر السكر , وقصب السكر , والموالح , والطماطم " . فضلا عن أن غير مستهلك للمياه . حيث أن أول رية تتم بعد 60 يوما من الزراعة . كما تستخدم قشور الفول علف للحيوانات . وتوجد حاليا 12 صنف مقاوم للأفات , وتقلل فترة الزراعة من 120 يوما , إلى 90 يوما فقط ومنها أصناف ( نوبارية 1 , 2 , 3 , 4 ) للوجه البحرى , وأصناف مخصصة للوجه القبلى تتحمل الإصابة بالهالوك مثل ( جيزة 743 , ومصر 1 , والوادى 1 , 2) . وهناك أصناف جديدة تحت التسجيل .

قائمة الأفات والمسببات المرضية

وتنحصر أهم أفات وأمراض البقوليات فى :

أولا : أبرز الأفات الحشرية ( خنفساء البقلاء الصغيرة والكبيرة , ودودة البقوليات , والعنكبوت الأحمر , وحشرة المن ) .

ثانيا : تتصدر قائمة الأمراض التى تصيب البقوليات فى ( الصدأ ) ويتم علاجه بالتعفير بسحوق الكبريت والزينب , و ( الذبول الفيوزارمى ) وأبرز مظاهره ذبول النبات حتى حدوث الموت الفجائى ويقاوم بالإعتدال فى الرى , والدورات الزراعية الملائمة , و ( تبقع الأوراق الألترنارى ) وأعراضه ظهور بقع بنية إلى سوداء على السطح العلوى للأوراق , والوسيلة المثلى لوقاية المحصول التخلص من مخلفات المحصول المصاب ورش الحقل بالكامل بالمبيدات المذابة فى الماء الموصى بها , و ( الهالوك ) بحكم أنه نبات طفيلى شديد الخطورة على محصول البقوليات مكافحته عن طريق تحاشى الزراعة فى الأراضى الموبؤة بالحشائش , والنباتات الطفيلية , ويمكن إتباع إسلوب " الرية الكدابة " قبل الزراعة , وحرث الأرض وإزالة أى حشائش تظهر بالأرض يدويا . ثم حرث الأرض لزيادة الإطمئنان بخلوها من أى حشائش , أو نباتات طفيلية , و ( شفافية العروق ) وهو مرض فيروسى ينتقل بواسطة حشرة المن . ومقاومة هذا المرض بمكافحة حشرة المن " بالمبيدات الموصى بها , والتخلص من النباتات المصابة .

إرتفاع الأسعار 200 %

ملحوظة : المتابع لحالة الأسواق فى الفترة الأخيرة شهد إرتفاعات غير مسبوقة فى أسعار جميع أنواع البقوليات . كنتيجة طبيعية لأزمة تدنى الإنتاج المحلى , وتأخر عمليات الإستيراد , والتى أصبحت يعتمد عليها إعتمادا أساسيا فى سد إحتياجاتنا . مع تعرض السوق لظروف تقلبات أسعار الدولار الضلع الأساسى والرئيسى فى إبرام إتفاقات الإستيراد مع المنتجين والأسواق الخارجية , وشركات الشحن . وساهمت هذه الظروف مجتمعة فى تجاوز الأسعار مابين 200 % 250 % . حيث بلغ سعر الفول البلدى والمستورد بالأسواق حاجز الـ 60 جنيها قبل أن يتراجع إلى 37 جنيها بعد أن كان لايزيد عن 13 جنيها فقط أوائل 2023 . وإرتفع سعر كيلو العدس من 40 جنيها , إلى 130 جنيها , والحمص من 25 جنيها , إلى 110 جنيه , واللوبيا , والفصوليا من 30 جنيها , إلى 75 جنيها , وبالمثل تنسحب الزيادات فى الأسعار على باقى الأنواع الأخرى من البقوليات . 

 


أضف تعليق


  • د جمال عبد العزيز الأربعاء 5 يونيو 2024 04:24 م

    تعليق قيد المراجعة

أخبار ذات علاقة

القائمة البريدية