هل يبدأ العالم الحرب على التغيرات المناخية فى قمة باكو؟

السبت 9 نوفمبر 2024 11:48 ص
شارك الخبر

فى حال اتبعت الحكومات رؤية باكو فإن مسارح الحرب من غزة إلى أوكرانيا  سوف تَتَوقف في الشهر المُقبل بينما يتقاتل الدبلوماسيون سويًا حول التفاصيل الدقيقة للعمل المناخي بموجب الرؤية التي تدعمها رئاسة أذربيجان هدنة مؤتمر المناخ "COP Truce" لمحادثات مؤتمر المناخ خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر القادم.

وتحدثت باكو بفخر عن مبادرتها التي اكتسبت "قوة جذب كبيرة" حيث دَعمت نحو 127 دولة ونحو 1100 مجموعة غير حكومية النداء حتى الآن وقبل أيام من إنطلاق المؤتمر، وعلى الجانب الأخر اثار هذا الأمر سخرية العديد من نشطاء المناخ مُتعللين بتضاؤل ​​الآمال أو إنعدامها في نجاح أذربيجان فى التوصل إلى اتفاق سلام مع جارتها أرمينيا بحلول مؤتمر المناخ التاسع والعشرين.

 تُمثل الدورة التاسعة والعشرون لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP29) المقرر عقدها فى العاصمة الأذربيجانية باكو خلال الفترة من 11 إلى 22 نوفمبر 2024 فرصة محورية لتَسريع العمل من أجل معالجة أزمة المناخ.

تم التصديق على الاتفاقية الإطارية من قبل الأمم المتحدة في عام 1995 ولديها عضوية شبه عالمية (198 طرفًا)، هذه الوثيقة التأسيسية هى المعاهدة الأم لبروتوكول كيوتو لعام 1997 واتفاقية باريس لعام 2015، وكلاهما من أهم المعاهدات في تحديد الأهداف المتعلقة بتغير المناخ وما يتوجب على الدول الأطراف فعله لمجابهة هذه القضية العالمية. 

لماذا تم إختيار دولة أذربيجان لإستضافة المؤتمر؟

تَتَناوب خمس مجموعات إقليمية في الأمم المتحدة على استضافة مؤتمر الأطراف للتغيرات المناخية: مجموعة أفريقيا، ومجموعة آسيا والمحيط الهادئ، ومجموعة أميركا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، ومجموعة أوروبا الشرقية، ومجموعة أوروبا الغربية ودول أخرى (بما في ذلك أميركا الشمالية وأستراليا)، وهذه المرة جاء دور مجموعة أوروبا الشرقية واعربت بلغاريا انذاك عن اهتمامها باستضافة مؤتمر الأطراف التاسع والعشرين، ولكن روسيا رفضت هذا الاقتراح لأن بلغاريا عضو في الاتحاد الأوروبي وبالتالى كانت أذربيجان الخيار الوحيد الذي يَحظى بالإجماع.

ما هو الهدف الرئيسى لمؤتمر الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ؟

يَجتمع أعضاء اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ مرة واحدة كل عام في مؤتمرات الأمم المتحدة منذ عام 1995 بشأن تغير المناخ لدفع عملية الانتقال إلى عالم محايد للمناخ، والهدف هو مواصلة تحسين وتنفيذ القرارات المنصوص عليها في اتفاق باريس لعام 2015 والذى يَنُص على خفض انبعاثات الغازات المُسببة للاحتباس الحرارى إلى الصفر الصافى بحلول منتصف القرن وتَحقيق هدف 1.5 درجة مئوية.

ولا ينبغي أن ترتفع درجة حرارة الكوكب بأكثر من هذا مقارنةً بمستويات ما قبل الثورة الصناعية لأن العواقب لن تكون قابلة للإدارة بعد الآن.

إن تنفيذ اتفاق باريس يَشمل أيضًا تكييف الناس والمجتمعات مع تغير المناخ ويَتطلب هذا التحول قدرًا كبيرًا من المال حيث تُقدر الأرقام بمئات المليارات من الدولارات الأميركية سنويًا، ولا تستطيع البلدان النامية على وجه الخصوص توفير هذه المبالغ بمفردها.

أهم المخرجات المُتوقعة من المؤتمر

أسفر مؤتمر الأطراف الحادى والعشرون بباريس عن اتفاقية باريس للتغيرات المناخية ومنذ ذلك الحين كان الافتقار إلى اتفاقيات مُلزمة بشأن التكيف مع المناخ والتمويل مخيبًا للآمال، وأضحى الموافقة على صندوق الخسائر والأضرار خطوة إلى الأمام لحل مشكلة التكيف والتخفيف لكن التعهدات لا تزال غير كافية، وأخيرا قمة دبي ودعوتها التاريخية للحكومات إلى التحول بعيدًا عن الوقود الأحفورى.

يَتعين على مؤتمر المناخ التاسع والعشرين إتباع أمرين هاميين أولهما البعد عن إطلاق دعوات تاريخية ليس لها دور على أرض الواقع كمثيلتها من الدعوات الطنّانة التى ليس لها مردود إيجابى لتخفيف اثر المشكلة، ثانيها اتخاذ عدة قرارات هامة وسريعة من بينها تحديد هدف جديد طويل الأجل لتمويل المناخ الدولي وهو الهدف الكمي الجماعي الجديد لتمويل المناخ (NCQG) الذى اُعلن سابقًا عن اعتماده فى 2024، وكان الهدف السابق هو تعبئة 100 مليار دولار سنويا للعمل المناخي في البلدان النامية اعتبارا من عام 2020 فصاعدًا وهو رقم أثبت أنه غير كافٍ نهائيًا لمجابهة هذه المشكلة التى تَستفحل يوما بعد يوم.

وأعلنت دولة أذربيجان عن مجموعة من المبادرات منها إنشاء صندوق من المُقرر أن تُساهم فيه الدول المُنتجة للنفط في المقام الأول، ويَهدُف هذا الصندوق إلى تَوفير الأموال للدول النامية الأكثر تضرراً من تغير المناخ، ولم يتضح بعد كيف سيعمل هذا الصندوق وما هى أوجه الإختلاف عن الصناديق القائمة بالفعل وما إذا كانت العديد من الدول سوف تدعمه. كما يتعين علينا أن ننتظر ونرى ما إذا كانت المبادرات الأخرى التى تَتَعدها الدولة المستضيفة على سبيل المثال في مجال الزراعة والطاقة الخضراء والهيدروجين النظيف والاستثمار في رأس المال البشريى والصحة والوظائف من أجل مستقبل قادر على الصمود في مواجهة تغير المناخ سوف تُؤتي بثمارها السياسية أم ستُصبح كمثيلتها فى طى النسيان، وللانصاف فإن مثل هذه المبادرات تَعتمد فى المقام الأول على الدول والمنظمات (الأممية) التي تَدعم هذه المبادرات.

وفى الختام تُعد أذربيجان من كبار منتجي النفط والغاز وتَتَمتع أذربيجان بواحدة من أعلى نسب الاكتفاء الذاتى من الطاقة فى العالم حيث يتجاوز الإنتاج الطلب بنحو أربعة أمثال. وبالنظر إلى مصادر الطاقة بدولة أذربيجان 90% من مصادر الطاقة ياتى من الغاز الطبيعى كما أن أذربيجان لديها خطط لتكثيف عمليات الاستخراج وقد وصف رئيسها إلهام علييف مؤخرًا احتياطيات بلاده من الوقود الأحفوري بأنها "هدية من الآلهة" وهو بالفعل هدية من الله سبحانه وتعالى فى حال إذا أُحسن إستخدامها.

أصبح نجاح مؤتمر الأطراف في باكو نوفمبر 2024 أكثر أهمية من أى وقت مضى، هناك الكثير من العمل الذي يتعين على الدول جميعها التعاون بصدق وإخلاص للقيام به، ليس هناك وقت لتتضيعه فنجاح المؤتمر أو فشله هو نجاح أو فشل لجميع دول العالم وليس لدولة بعينها وسيكون التاريخ هو الحَكَم على صدق النوايا للخلاص من هذا الموقف العصيب.

المراجع

1-    https://www.un.org/en/climatechange/un-climate-conferences

2-    https://unfccc.int/sites/default/files/resource/UNFCCC_NCQG2023_flyer_web.pdf

3-    https://akzente.giz.de/en/cop29-un-climate-change-conference-2024-baku

4-    https://www.politico.eu/article/fossil-fuel-extraction-cop29-azerbaijan-climate-action-oil/

مقال

ا.د/ عاصم عبد المنعم أحمد محمد

استاذ إقتصاديات المناخ الزراعى

المعمل المركزى للمناخ الزراعى- مركز البحوث الزراعية


أضف تعليق


أخبار ذات علاقة

القائمة البريدية